المادة المظلمة في الكون و نظرية الأوتار الفائقة

تعد المادة المظلمة واحدة من أكبر الألغاز في الكون، حيث تشكل أكثر من ثلاثة أرباع كتلة الكون، ولكن لا يمكن رؤيتها، أو سماعها، أو لمستها، وبالتالي لا يمكن قياسها مباشرة. وتفترض الأبحاث العلمية وجودها بسبب تأثيرها الجاذبي على الأجسام السماوية، حيث تؤثر على حركة المجرات وتساهم في نشأة الثقوب السوداء الضخمة. ويراهن العلماء على اكتشاف المادة المظلمة لديهم حتى يتمكنوا من فهم أكثر لتطور المجرات والكون نفسه، ولهذا السبب يعملون جاهدين للكشف عن سرّ هذا الظلام غير المرئي.

نظرية الأوتار الفائقة و ما هي المادة المظلمة في الكون

المادة المظلمة في الكون و نظرية الأوتار الفائقة

نسبة المادة المظلمة في الكون

تشكل المادة المظلمة نحو 26 ٪ من الكون وجاءت اول اشارة عن وجودها في عام 1933 حينما كشفت الأرصاد الفلكية وحسابات الآثار الجاذبية أنه لا بد من وجود أشياء أخرى مواد لا يمكن للتلسكوبات أن تراها.

ويعتقد الباحثون في الوقت الراهن أن الآثار الجاذبية للمادة المظلمة تجعل المجرات تدور بشكل أسرع مما كان متوقعاً، وأن حقلها الجاذبي يحرف ضوء الأجسام خلفها. ولقد بين قياس تلك الآثار أن المادة المظلمة موجودة بالفعل ، وأنه يمكن استخدام تلك الآثار لتقدير كثافة المادة المظلمة على الرغم من عدم تمكننا من مراقبتها بشكل مباشر.

لكن ما هي المادة المظلمة ؟ 

يمكن فهمها على أنها تحتوي 'جسيمات فائقة ' أي أنها جسيمات إفتراضية على غرار تلك المعروفة بالفعل في النموذج القياسي. وقد تتمكن التجارب في مصادم الجسيمات العملاق (LHC) في العثور عليها

منذ شهر سبتمبر من عام 2008 عمل علماء مع المنظمة الأوروبية للبحوث النووية والمعروفة إختصاراً بـ (CERN) لسنوات عدة على مشروع كان يُأمل منه أن يكون هدية عظيمة الفائدة للفيزياء النظرية ولنظرية الأوتار الفائقة String Theory

وكان البعض قد أبدوا مخاوفهم عن آثاراً جانبية من تلك التجربة التي قد تسبب نهاية العالم وذلك عند بداية المشروع. يُعرف المشروع باسم " مصادم الجسيمات العملاق " أو إختصاراً بـ (LHC)  وهو أقوى محطم للذرة تم بناؤه على الإطلاق و يتكون من حلقة من المغناطيس الفائق التبريد تمتد لمسافة 27 كيلومتر (17 ميل) على المحيط يتصل بأجهزة استشعار على هيئة براميل ضخمة، ويقع خلف الحدود السويسرية الفرنسية بالقرب من العاصمة جنيف .

يعتقد العلماء إنه يمكن استخدام هذا الجهاز لإثبات وجود المادة المظلمة الغير المرئية التي تؤلف أكثر من 96 ٪ من مادة الكون. كما يحتمل أن توجد أدلة على وجود أبعاد إضافية مما يساعد على إعطاء مزيد من دعم لصالح نظرية الأوتار الفائقة.

وكان النقاد قد عبروا عن مخاوفهم عند بدء العمل في المشروع من أن الإصطدامات في المسارع المذكور قد تسفر عن خلق ثقب أسود من شأنه أن يبتلع كامل كوكب الأرض وتدمير الحياة في نهاية المطاف كما نعرفها. ولكن التجارب مرت بسلام وأعطت نتائج مهمة لعلم فيزياء الكون.

مواد غير مرئية تشكل معظم مادة الكون

المادة المظلمة في الكون و نظرية الأوتار الفائقة

ربما كان من الطبيعي أن لا نمتلك المعرفة الكافية لكيفية خلق الكون ، فنحن لم نكن في ذلك الوقت لنشهد كيفية تشكله، في الواقع وجد علماء الفلك والفيزياء أن كل ما نراه في الكون من كواكب ونجوم ومجرات لا يشكل سوى نسبة ضئيلة مقدارها 4 ٪ من حجم الكون ، وليست الأشياء المرئية هي التي تحدد فقط الكون بل الفراغ من حولها أيضاً.

تشير  الأرصاد الكونية والفلكية الفيزيائية إلى أن معظم الكون يتكون من مواد غير مرئية لا ينبعث منها إشعاعات كهرومغناطيسية لذلك لن نتمكن من الكشف عنها مباشرة من خلال التلسكوبات أو الأدوات الأخرى المشابهة، يمكننا التحقق منها فقط من آثارها في الجاذبية مما يجعل من الصعب جداً دراستها وتُعرف تلك المواد الغامضة بـ "المادة المظلمة"و "الطاقة المظلمة ". ومازالت ماهية تلك المواد وكذلك لدور الذي تلعبه في تطور الكون لغزاً غامضاً لكن قد يكمن داخل هذا الظلام إمكانيات مثيرة للإهتمام وغير مكتشفة في الفيزياء.

المادة المظلمة في الكون

تشكل المادة المظلمة نحو 70 ٪ من الكون ، ويبدو أن لها صلة مع الفراغ في الفضاء فهي تتوزع بشكل متجانس في كل أنحاء الكون ليس فقط في المكان فقط بل في الزمان أيضاً وبعبارة أخرى لا يضعف تأثيرها مع توسع الكون.

حتى أن التوزيع المتساوي (المتجانس) لا يعني أن الطاقة المظلمة لا تملك أي آثار جاذبية محلية ، بل أن لها تأثير كلي على الكون بأكمله وهذا بدوره يؤدي إلى قوة طاردة تسبب في تسريع عملية توسع الكون. ويمكن قياس معدل التوسع وتسارعه من خلال الملاحظات المستندة الى قانون هابل. أكدت هذه القياسات جنباً إلى جنب مع بيانات علمية أخرى على وجود الطاقة المظلمة وقدمت تقديراًً مهماً على مدى إنتشار وجود هذه المواد الغامضة.

نظرية الأوتار الفائقة

تُعرف نظرية الأوتار الفائقة في فيزياء الجسيمات على أنها النظرية التي تسعى لدمج ميكانيكا الكم والنسبية العامة. تعد هذه النظرية واحدة من الأفكار الجديدة في العلوم، وهي تستند إلى معادلات رياضية معقدة وتفسير الكون بطريقة مختلفة. في هذه النظرية، يعتبر الوجود الحقيقي للمادة هو قطع متناهية الصغر من أوتار مهتزة، ويحدد هذا الاهتزاز مناسبته مع جسيم معين. تقدم نظرية الأوتار الفائقة فكرة وجود سبعة أبعاد إضافية في الكون، إضافة للأبعاد الأربعة المعروفة. يعتبر ستيفن هوكينغ أحد المؤيدين لهذه النظرية، حيث يعتقد أنها ستساعد في فهم الأحداث المبكرة عند نشوء الكون ووقوع الانفجار العظيم. إنّ نظرية الأوتار الفائقة مثيرة وجذابة، وهي تلهم العلماء لمواصلة البحث والتطوير في هذا المجال.


المادة المظلمة في الكون و نظرية الأوتار الفائقة

تعتبر نظرية الأوتار الفائقة نظرية متطورة في فيزياء الجسيمات تحاول التوفيق بين ميكانيك الكم والنسبية العامة. وهي منافسة لـ " نظرية كل شيء " (TOE)

وطريقة لوصف القوى الأساسية المعروفة والمادة في نظام رياضي متكامل .
 لكن على أي نظرية أن تخضع لسلسلة من التنبؤات القابلة للاختبار التجريبي (وهي أمور مطلوبة) قبل أن تعتبر جزءاً من العلم.

ولتلك النظرية جذوراً في نموذج الرنين المزدوج (1969). ومنذ ذلك الوقت استخدم مصطلح نظرية الاوتارلكي يكون مدرجاً ضمن أي مجموعة من نظريات الأوتار.

هناك الآن 5 نظريات رئيسية للأوتار تختلف فيما بينها بعدد الأبعاد التي تتشكل فيها الاوتار وفي خصائص الأوتار ، يبدو كلاً من تلك النظريات صحيح ، ولكن منذ منتصف التسعينيات تم اقتراح توحيد جميع النظريات السابقة في الأوتار ودعيت نظرية التي تفترض بأن الأوتار في الواقع شرائح ذات بعد أحادي من أصل مستوي ثنائي البعد يهتز في فضاء مؤلف من 11 بعداً.

لتبسيط فهم نظرية الأوتار الفائقة فكر بـ وتر غيتار جرى ضبطه (دوزنته) من خلال تمديده بقوة توتر على طوله ، ستصدر نوتات موسيقية مختلفة إعتمادا على كيفية سحب الوتر ومقدار التوتر المطبق عليه ، ويمكن أن يقال هذه النوتات الموسيقية أنها أنماط التنغيم (الرنين) لوتر الغيتار عند خضوعه للشد (التوتر).

وبطريقة مماثلة يمكن تشبيه الجسيمات الأولية التي نرصدها في مسارعات الجسيمات بـ "النوتات الموسيقية" أو أنماط التنغيم للأوتار الإبتدائية، وفي نظرية الأوتار كما في العزف على الجيتار ، يجب أن يُمد الوتر بقوة شد (توتر) من أجل أن يكون منغماً. ومع ذلك فإن الأوتار في نظرية الأوتار تطفو في الزمكان ، لأنها لا تتصل بغيتار كما أنها لا تملك توتراً إن كان على نظرية الأوتار أن تكون نظرية في جاذبية الكم فإن متوسط حجم الوتر ينبغي أن يكون قريباً في مكان ما من طول مقياس جاذبية الكم وهو يدعى بـ "طول بلانك"، يتراوح بين 10-33 سم ، أو أن يكون جزء من المليون من جزء من البليون من جزء من البليون من جزء من البليون من الـ سنتمتر.

لسوء الحظ فذلك يعني أن الأوتار شديدة الضآلة لكي يتم مشاهدتها من خلال تقنيات فيزياء الجسيمات الحالية أو المتأمل منها (مع وجود التمويل الكافي) وهكذا على المنظرين للأوتار استنباط أساليب أكثر ذكاء لإختبار نظرية بدلاً من البحث عن أوتار ضئيلة في تجارب الجسيمات . تصنف نظريات الأوتار وفقاً لحاجة تلك الأوتار لتكون حلقات مغلقة من عدمها ، وفيما إذا كان طيف الجسيمات يحتوي على الفرميونات

ومن أجل إدراج الفرميونات في نظرية الأوتار يجب أن يكون هناك نوع خاص من التماثل يدعى بـ "التماثل الفائقوهو يعني أن لكل بوزون (جسيم ينقل القوة) هناك فرميون مقابل له (وهي الجسيمات التي تشكل المادة). لذلك فإن للتماثل الفائق علاقة بالجسيمات التي تنقل القوة بين الجسيمات التي تؤلف بدورها المادة.

لاستكمال الموضوع شاهد هذا الفيديو




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-